بدأ التحول من التعليم التقليدي إلى التعليم النظامي بمعناه الحديث في العام 1930م حيث أنشئت مدارس محدودة تخضع للتخطيط والإشراف الحكومي وأخذت تدرس مناهج محددة المحتوى ومتعددة المواد ويدرسها معلمون تم تعيينهم من قبل الدولة ولهذه المدارس إدارة معينة أيضا، وشكلت هذه المدارس على ندرتها أساس التعليم النظامي في عمان قبل عام 1970م ومن أشهر هذه المدارس :
1) المدرسة السلطانية الأولى :
وأنشئت عام 1930م في عهد السلطان السيد تيمور بن فيصل وبإشراف حكومي وكانت تقع في مسقط ويديرها إسماعيل بن خليل الرصاصي الذي قدم من فلسطين إلى عمان عام 1929م وأصبح فيما بعد مديرا للمعارف في عهد السلطان السيد سعيد بن تيمور حتى عام 1970م .
وقد شارك بعض المدرسين من البلاد العربية في التدريس بهذه المدرسة وكانت المواد التي تدرس بها القرآن الكريم والتوحيد والفقه واللغة العربية والعلوم والصحة والتاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية وفي هذه المدرسة تأسست نواة الحركة الكشفية الأولى في السلطنة تحديدا عام 1932م على يد إسماعيل الرصاصي نفسه حيث كان نشاط الفتية قاصرا على ممارسة بعض أسس التخييم والرحلات الخلوية القصيرة ولم يكن هناك أي زي موحد لهؤلاء الأفراد حيث كان رداؤهم المعروف هو الزي العماني التقليدي مع ارتدائهم للمنديل الكشفي أحيانا
2) المدرسة السلطانية الثانية:
حلت هذه المدرسة محل المدرسة السابقة ابتداء من عام 1935م وكان مقرها منزلا مؤجرا بمسقط وضمت إلى جانب البنين عددا من البنات ، وكانت المدرسة تعمل بنظام اليوم الكامل وتدرس القرآن الكريم والفقه والتوحيد واللغة العربية وقد حظيت مادة الخط العربي بنوعيه النسخ والرقعة في هذه المدرسة بعناية خاصة لأن الوثائق والمعاملات كانت تكتب آنذاك بخط اليد ، كما كان يتم تدريس الأناشيد واللغة الإنجليزية والتاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية والحساب والصحة والرياضة البدنية .
وكانت الدراسة تبدأ بالصف التمهيدي ثم الأول والثاني والثالث من المرحلة الابتدائية .
3) المدرسة السعيدية بصلالة :
تعد هذه المدرسة أول مدرسة للبنين بمحافظة ظفار . ويمكن تقسيم ما يتعلق بجوانب التعليم وتطوره في هذه المدرسة إلى عدة فترات حيث تبدأ الفترة الأولى بافتتاح السلطان السيد سعيد بن تيمور للمدرسة السعيدية بصلالة في شهر (محرم 1355 هــ /مارس 1936م)وكانت مكونة من ثلاث غرف ، خصصت واحدة منها للطلاب الصغار والثانية ضمت الكبار ، وأما الغرفة الثالثة فقد استخدمت كمخزن . وقد اقتصر التعليم في هذه المدرسة على القرآن الكريم والتجويد وتعليم أمور الدين اليسيرة وبخاصة ما يتعلق منها بأركان الإسلام الخمسة بالإضافة إلى القراءة والكتابة إلى جانب العمليات الأربعة للحساب (الجمع والطرح والضرب والقسمة )، وقد شهدت هذه المدرسة تطورات عديدة كان أهمها عام 1955م حيث تم بناء مبنى جديد لها صمم لأغراض التعليم ولم يكن مجرد مكان مؤجر كسابقتها من المدارس .
4) المدرسة السعيدية بمسقط :
تم افتتاح هذه المدرسة في عام 1940 م وبافتتاحها توقفت أنشطة المدارس السابقة عنها في مسقط لتبدأ مرحلة أكثر تطورا من التعليم النظامي الحكومي والذي يتم في مبان مدرسية أعدت خصيصا لهذا الغرض واشتملت على فصول دراسية وغرف للإدارة والمدرسين وتكونت من مرحلتين دراسيتين : الأولى مرحلة ما قبل الابتدائي ومدتها سنتان تمهيديتان ، والثانية هي المرحلة الابتدائية ومدتها ست سنوات ، يمنح الناجحون فيها الشهادة الابتدائية التي تصدرها دائرة المعارف ، وقد قام بالتدريس فيها عدد من المدرسين العمانيين وآخرون من الدول العربية الشقيقة ، وكانت الكتب الدراسية التي يتم تدريسها في المدرسة السعيدية بمسقط تجلب من مصر وفلسطين مثل :كتب النحو الواضح والقراءة الرشيدة ، أما كتب الرياضيات والعلوم والتاريخ والجغرافيا وبعض كتب اللغة العربية فكانت توفر من لبنان وحظيت مادة التربية الإسلامية بقدر كبير من الاهتمام بين المواد الدراسية فإلى جانب القرآن الكريم كان هناك كتاب (تلقين الصبيان ..ما يلزم الإنسان) للشيخ العلامة نور الدين عبدالله بن حميد السالمي ، وكانت المدرسة تدرس أنشطة لاصفية شملت التمثيل والرياضة البدنية والرحلات وتأكيدا لأهمية مادة الخط العربي ، قام السلطان السيد سعيد بن تيمور في عام 1944م بإهداء طلبة المدرسة مجموعة من كراسات الخط العربي تعرف بمجموعة السلاسل الذهبية ، وهي المجموعة التي أعدها نجيب الهواويني الخطاط الخاص بالملك فؤاد الأول ملك مصر ، أهداها إلى السلطان تيمور بن فيصل في عام 1931م .
5) المدرسة السعيدية بمطرح :
أنشئت هذه المدرسة بمطرح وافتتحت في نوفمبر عام 1959 وكان مقرها آنذاك في بيت المنذري بحارة الشمال بمطرح لمدة عام دراسي واحد وبضعة أشهر من العام التالي.
وبدأت الدراسة بهذه المدرسة بحوالي مائتي طالب في صفوف التمهيدي والأول والثاني
الابتدائيين .
وفي ديسمبر عام 1960 انتقل مقر المدرسة إلى مبنى أنشئ خاصا بها، في الموضع الذي تتواجد به حاليا ، وافتتح بها في العام نفسه صفان آخران للثالث والرابع الابتدائيين.
وخلال سنتين بعد ذلك اكتملت المرحلة الابتدائية حتى الصف السادس الابتدائي، وأصبح الناجحون من هذا الصف يتخرجون ويحصلون على الشهادة الابتدائية. وقد تخرجت أول دفعة عام 1963 م.
وكان لهذه المدارس المذكورة رغم جهودها المتواضعة إلى جانب حلقات المساجد الفضل الكبير في تخريج العديد من المثقفين والعلماء والأدباء الذين كان لهم الفضل في تنشيط الحركة الثقافية والفكرية في السلطنة وإغناء التراث العماني بكنوز من العلوم المختلفة .